السبت، 6 ديسمبر 2008

تــــــــــــصريــــــــــــــح

الجمعيــــة المغربيــــة لحقــــــوق الإنســــــان
تحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان - 10 دجنبر 2008 - تحت شعار

"الحرية للمعتقلين السياسيين، دستور ديمقراطي والحياة الكريمة للجميع"

تحتفل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يتزامن هذه السنة مع الذكرى 60 لمصادقة الأمم المتحدة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في شروط تتميز من حيث الجوهر
دوليا، بتوسع وتعمق العولمة الليبرالية المتوحشة في ظل مواصلة الطغيان الامبريالي وما يصاحبه من دوس لحق الشعوب في تقرير مصيرها وبتكثيف الاستغلال لخيراتها وبالتراجع عن عدد من المكتسبات في مجال الحريات وحقوق الإنسان تحت غطاء ما سمي بمحاربة الإرهاب. ولا يحد من هذه الغطرسة سوى الحركة الملحوظة للشعوب وقواها الديمقراطية التحررية التي عقدت العزم على مواجهة الحروب والعدوان الاستعماري والاحتلال والهجوم على المكتسبات في مجال الحريات وحقوق الإنسان بمختلف جوانبها
كما نتجت عن هذه العولمة الأزمة الاقتصادية التي تجتاح الشركات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية وما لها من تداعيات على الحقوق الاقتصادية الاجتماعية للمواطنين وخاصة منهم الفئات الأكثر هشاشة وكذا انعكاساتها على حقوق الشعوب التي تعاني من تبعية اقتصاد دولها للولايات المتحدة الأمريكية
وتعتبر هذه الأزمة نتيجة للسياسة اللبرالية المتوحشة التي ناضلت ضدها الحركة الحقوقية كما ناهضتها الحركات المناهضة للعولمة الليبرالية ومختلف الحركات الاجتماعية في العالم خاصة من خلال المنتديات الاجتماعية العالمية والقارية والجهوية والمحلية
وطنيا، باستمرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، رغم بعض المكتسبات الجزئية، مما يؤكد أن بلادنا وبعد أزيد من نصف قرن من الإعلان عن استقلال المغرب لم تتمكن بعد من بناء النظام الديمقراطي المنشود المستند إلى معايير دولة الحق والقانون ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق

وتحتفل الجمعية باليوم العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة تحت شعار "الحرية للمعتقلين السياسيين، دستور ديمقراطي والحياة الكريمة للجميع". ويعكس هذا الشعار إدانة الجمعية لاستمرار الاعتقال السياسي وإلحاحها على مطلب إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين. ويجسد الشعار أيضا تأكيد الجمعية على ضرورة إقرار دستور ديمقراطي بلورة ومضمونا وتصديقا باعتبار أن استمرار الدستور الحالي عرقلة حقيقية أمام الديمقراطية والتنمية وبناء دولة الحق والقانون. وفي ذات الوقت يعكس هذا الشعار تشبث الجمعية بضرورة توفير مقومات الحياة الكريمة للجميع وبالكرامة كقيمة إنسانية عليا لا يمكن التفريط فيها أو السماح بهدرها، وكقيمة يجب تجسيدها في دستور البلاد وقوانينها وفي العلاقات الاجتماعية والسياسية، بدءا بعلاقة السلطة مع عموم المواطنات والمواطنين في كافة الميادين

إن إقرار دستور ديمقراطي يشكل أولوية الأولويات بالنسبة لبناء دولة الحق والقانون ومجتمع الكرامة والمواطنة للجميع وبكافة الحقوق. وقد حان الوقت بعد أزيد من نصف قرن من الاستقلال ليعطي مجتمعنا الأهمية المستحقة للمسألة الدستورية بجعل حد لعهد الدساتير غير الديمقراطية في مضمونها والمبلورة بشكل فوقي، بعيدا عن مشاركة القوى الحية في البلاد، والمفروضة بضغوطات وأساليب لا ديمقراطية. لقد حان الوقت لطرح الإشكالية الدستورية بشكل جديد قوامه الديمقراطية من حيث صياغة المشروع التي يجب أن تكون من صلاحية ممثلي مختلف القوى الحية بالبلاد، أو من حيث المصادقة عبر استفتاء ديمقراطي حر ونزيه، أو من حيث المضمون الديمقراطي الذي يجب أن يؤكد بالخصوص على السيادة الشعبية، وعلى الشعب كمصدر لكل السلطات، ويقر بقيم ومعايير حقوق الإنسان الكونية من ضمنها المساواة وعلى رأسها المساواة بين النساء والرجال في جميع الحقوق، ويقر بالحكومة كجهاز يتوفر على كافة الصلاحيات التنفيذية، وبالبرلمان كمؤسسة تتوفر على كافة الصلاحيات التشريعية والرقابية، وعلى القضاء كسلطة، وعلى الفصل بين السلط الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعلى الفصل بين الدين والدولة

وإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تؤكد على مطلب الدستور الديمقراطي كبوابة لبناء دولة الحق والقانون، تحذر من مغبة أي محاولة جديدة لإجهاض هذا المطلب الديمقراطي الأصيل باللجوء إلى تعديلات جزئية وظرفية تحافظ على الجوهر الاستبدادي للدستور الحالي

وتشكل الانتخابات الحرة والنزيهة، بعد إقرار الدستور الديمقراطي، الشرط الأساسي لتمكين الشعب المغربي من تقرير مصيره
ومن هذا المنطلق تتبعت الجمعية الانتخابات البرلمانية الجزئية (آسفي، مراكش، تزنيت، المحمدية) : مجريات الحملة الانتخابية وعملية الاقتراع وقد تم تسجيل غياب شروط النزاهة من جديد في هذه الانتخابات إبان الحملة الانتخابية، من خلال استمرار استعمال المال لاستمالة الناخبين وتحيز السلطة لبعض المرشحين واستخدام إمكانيات الدولة في الحملة الانتخابية. مما يوضح أن الممارسة الديمقراطية لا زالت محجوزة. كما تميزت عملية الاقتراع بتدهور نسبة المشاركة مقارنة مع انتخابات 7 شتنبر نفسها حيث لم تتجاوز رسميا 27 % (14% في مراكش) ، مع التذكير أن هذه الاستحقاقات بدورها تنظم في ظل دستور وقوانين انتخابية غير ديمقراطية ولوائح غير سليمة
وتؤكد الجمعية بمناسبة مجددا على ضرورة المراجعة الشاملة للوائح الانتخابية ودمقرطة التقطيع الانتخابي والاستجابة للمطلب الديمقراطي المتعلق بتمكين النساء من ثلث مقاعد المجالس المنتخبة في أفق المناصفة

وبالنسبة لعلاقات المغرب من موقع الضعف مع القوى الامبريالية، باعتبارها العدو الأساسي لحق الشعوب في تقرير مصيرها، فقد أدانت الجمعية هذه السنة وفي عدة مناسبات المبادرات والإجراءات المؤدية إلى دمج المغرب أكثر فأكثر في إطار استراتيجية الامبريالية الأمريكية مما تجلى بالخصوص في تعميق التعاون الأمني والمخابراتي المباشر مع الأجهزة الأمريكية مع ما ينجم عن ذلك من انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان ويتجلى في مواصلة المغرب لعضويته ولحركيته داخل "منتدى المستقبل" والهياكل والمحافل المتفرعة عنه وفي استعمال الأراضي المغربية لوضع قواعد عسكرية موجهة للقارة الإفريقية. لذا فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدعو مجددا السلطات المغربية إلى التراجع عن إقحام بلادنا في سائر المخططات الإمبريالية والصهيونية والأطلسية التي تهدد السلم وكذا حق شعوب ما سمي بمنطقة الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا في تقرير المصير والغد الأفضل كما ترفض الجمعية مرة أخرى عقد لقاء منتدى المستقبل في المغرب المبرمج في دورته السادسة خلال 2009
وبالنسبة للالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان، تعتبر الجمعية أن التزام المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا يفرض عليه المصادقة على كافة الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، ورفع التحفظات عن الاتفاقيات التي تحفظ على بعض أجزائها، وإقرار الدستور لسمو المواثيق الدولية بالنسبة للقوانين المغربية، وملاءمة التشريعات المحلية مع الاتفاقيات المصادق عليها وتنفيذ توصيات اللجن الأممية، واحترام حقوق الإنسان في الواقع
وبشأن ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتبطة بالقمع السياسي، والتي شكلت طيلة سنتي 2004 و2005 موضوع اهتمام بالغ للحركة الحقوقية المغربية وللرأي العام ببلادنا ولهيئة الإنصاف والمصالحة التي أنهت أشغالها بالتقرير الختامي الذي قدم للملك في 30 نونبر 2005، لقد سبق للجمعية، بعد أن أكدت على الطابع الإيجابي لكن الجزئي لنتائج أشغال الهيئة ـ التي لم ترق حتى لمستوى الحد الأدنى المشترك لمطالب الحركة الحقوقية والديمقراطية المغربية المتضمن في توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة المنعقدة في نونبر2001 ــ، أن طالبت بإعمالها وتطبيقها دون تماطل
وبعد مرور ثلاث سنوات كاملة على إنجاز تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، وحل الهيئة وتكليف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والسلطة التنفيذية بتطبيق قرارات وتوصيات الهيئة، تعبر الجمعية عن استيائها لغياب تطبيق النتائج التي تم التوصل إليها. تجلى ذلك في عدم الكشف عن مصير سائر المختطفين وفي مقدمتهم المهدي بنبركة والحسين المانوزي، وعدم تحديد هوية الرفات وتسليمها للأسر الراغبة في ذلك، وعدم استكمال الحقيقة بالنسبة لمجمل الانتهاكات، وضعف الغلاف المالي المخصص لجبر الأضرار وعدم اعتماد مقاييس موضوعية لذلك وعدم احترام متطلبات الحفاظ على الذاكرة وعدم اعتذار الدولة الرسمي والعلني للضحايا وللمجتمع، وعدم إطلاق سراح ما تبقى من معتقلين سياسيين بل تم إضافة معتقلين سياسيين جدد، والتماطل في أجرأة التوصيات المتعلقة بالإصلاحات الدستورية والقانونية والمؤسساتية لتفادي تكرار الانتهاكات الجسيمة مستقبلا خاصة منها تلك التوصيات التي لا تتطلب مجهودا ماليا أو تقنيا أو مسطريا مثل الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية وإلغاء عقوبة الإعدام التي لا تتطلب سوى الإرادة السياسية الحقيقية
واعتبارا لما سبق، فإن الجمعية تطالب بالتطبيق الفوري ودون تماطل إضافي لقرارات وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة مثمنة جهود لجنة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان كأداة للعمل الوحدوي حول ملف الانتهاكات الجسيمة وتثمين عملها الحالي المرتبط بالإعداد للمناظرة الوطنية الثانية المقرر عقدها في بداية السنة المقبلة
وتؤكد الجمعية مرة أخرى أن ملف الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بالقمع السياسي لن يجد حله إلا على أساس الحل الديمقراطي والمبدئي المرتكز على الحقيقة الشاملة، وعدم الإفلات من العقاب والإنصاف بمختلف جوانبه (جبر الضرر الفردي والجماعي، حفظ الذاكرة واعتذار الدولة)، وتشييد متطلبات بناء دولة الحق والقانون كأساس لعدم تكرار الانتهاكات الجسيمة مستقبلا، ومعالجة الانتهاكات الجسيمة في مجال الحقوق السياسية والمدنية بموازاة مع تلك الناتجة عن الجرائم الاقتصادية
كما تسجل الجمعية مجددا التناقض الحاصل عند الدولة المغربية بين حديثها عن طي ملف الانتهاكات الجسيمة وواقع تجدد الانتهاكات من اختطاف وتعذيب ومحاكمات غير عادلة، ومس بحرمة المنازل من خلال المداهمات التعسفية التي تتم عند الاعتقالات خاصة بالنسبة للمشتبه في تورطهم في جرائم الإرهاب، مما يوضح أن هذا الحديث لازال كلاما موجها بالأساس للاستهلاك الخارجي

وبالنسبة للانتهاكات المرتبطة بملف مناهضة الإرهاب، إن الجمعية تؤكد مجددا على إدانة كل أشكال الإرهاب المستهدف لسلامة وأرواح المواطنات والمواطنين الأبرياء، والمنتهك للحق في الحياة وفي الأمان الشخصي والسلامة البدنية تطالب باحترام حقوق الإنسان وحقوق الدفاع عند المواجهة الأمنية والقضائية لظاهرة الإرهاب وتنادي إلى معالجة هذه الظاهرة بالرجوع إلى الجذور بما يستوجبه ذلك من توفير شروط احترام كافة الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعموم المواطنات والمواطنين ومن إشاعة واسعة وعميقة لثقافة حقوق الإنسان وللفكر العقلاني ومن فك للارتباط بالمصالح الإمبريالية والصهيونية
ومن هذا المنطلق فقد تتبعت الجمعية أوضاع معتقلي "السلفية الجهادية" بمختلف السجون المغربية وما عرفته من تردي. وقد سبق للجمعية غير ما مرة وانطلاقا من تقديرها لعدم تمتيعهم إجمالا بمحاكمات عادلة أن طالبت بإعادة محاكمتهم أو إطلاق سراحهم. وعلى إثر الإضرابات عن الطعام المتعددة لهؤلاء المعتقلين فقد راسلت الجمعية باستمرار وزارة العدل ومديرية السجون ثم المندوب العام للسجون بعد تنصيبه مكلفا بهذا القطاع لفتح الحوار معهم والنظر في مطالبهم واحترام الإدارة للقواعد الدنيا لمعاملة السجناء
كما سبق للجمعية أن انتقدت التعاون المخابراتي المغربي الأمريكي في ملفات الإرهاب، وما نتج عن ذلك من انتهاك لحقوق الإنسان. وتتبعت الجمعية ملف المغاربة المحتجزين بمعتقل كوانطانامو السيئ الذكر، سواء أولائك الذين سلموا للمغرب عبر دفعات أو أولائك الذين مازالوا يقبعون بذلك المعتقل الرهيب خارج نطاق القانون الدولي الإنساني. وقد سبق للجمعية أن طالبت بالإفراج عنهم وبالإغلاق النهائي لمعتقل كوانطانامو وبمحاكمة دولية للمسؤولين الأمريكيين المتورطين في تعذيب واحتجاز المئات من الأشخاص لعدة سنوات هناك
وبالنسبة للانتهاكات المرتبطة بالنزاع حول الصحراء، تذكر الجمعية بموقفها العام المتجسد في المطالبة بالحل الديمقراطي للنزاع وبالمعالجة الشاملة لكافة الانتهاكات الجسيمة، مهما كان مصدرها، المرتبطة بهذا الملف بما يخدم حق شعوب المنطقة في السلم والتنمية والديمقراطية. وخلال هذه السنة، تتبعت الجمعية القضايا الأساسية التالية وضعية المعتقلين الصحراويين بسبب آرائهم أو نشاطهم السياسي وكذا الاعتقالات الجديدة في صفوفهم هذه السنة والمشاكل المزمنة للمطرودين من الجزائر سنة 1975 بعد اندلاع النزاع حول الصحراء
وبالنسبة للحق في الحياة، فقد تتبعت الجمعية عددا من الممارسات السلطوية التي أدت إلى انتهاك الحق في الحياة سواء في ضيافة السلطة أو في الشارع العمومي أو في السجون، كما عبرت الجمعية عن استيائها لاستمرار إصدار عقوبات الإعدام في عدد من الملفات في حين ما فتئت الجمعية تطالب بمفردها أو في إطار الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام بإلغاء هذه العقوبة القاسية واللاإنسانية وغير المجدية. والجمعية إذ تعتز بتزايد عدد الدول المصوتة لصالح القرار المتخذ بشأن توقيف تنفيذ هذه العقوبة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بتوقيف تنفيذ عقوبة الإعدام في أفق إلغائها فإنها تستنكر موقف المغرب اتجاه هذا القرار والمتجسد في امتناعه مرة أخرى عن التصويت وعدم دعمه للمجهود الذي يقوم به المنتظم الدولي في اتجاه توقيف إعمال هذه العقوبة وهو ما وضع المغرب في تناقض تام بين وقفه تنفيذ الإعدام منذ 1993، وصدور توصية بإلغاء عقوبة الإعدام ضمن التقرير الختامي لهيأة الإنصاف والمصالحة وتصريحات العديد من المسؤولين حول التزام المغرب بإلغاء عقوبة الإعدام من جهة وموقفه بالأمم المتحدة من جهة أخرى
وبشأن التعذيب فرغم النشر بالجريدة الرسمية منذ ما يناهز ثلاث سنوات للقانون القاضي بتجريمه، فلازال التعذيب يمارس مع إفلات المسؤولين عنه من العقاب في أغلب الحالات. ونشير بصفة خاصة التعذيب الذي تعرض له سكان سيدي إفني يوم 7 يونيو و18 و19 غشت والعنف الذي تتعرض له العديد من الوقفات السلمية للمواطنين في مختلف المناطق، والتعذيب الذي يتعرض له السجناء بما فيهم عدد كبير من المعتقلين في إطار ما يسمى بالسلفية الجهادية
بخصوص ملف الاعتقال السياسي تستنكر الجمعية استمرار تواجد العديد من المعتقلين السياسيين في السجون المغربية ومن ضمنهم: الطلبة المعتقلين بمراكش،ومعتقلي سيدي إفني، والمعتقلين السياسيين الستة المقحمين في ملف بلعيرج، والمعتقلين الصحراويين، والمعتقلين السياسيين ضحايا تُهَم ما يعرف بالمس بالمقدسات. كما تابعت الجمعية بهذا الصدد العديد من الاعتقالات والمحاكمات لأسباب سياسية والتي تم الإفراج عن ضحاياها خلال هذه السنة ومن ضمنهم: صحافيون، والمواطنين الذين توبعوا بالمس بالمقدسات، ومعتقلي صفرو، ومعتقلي بومالن دادس، والمواطنون الذين يعتقلون ويحاكمون في إطار الحركات الاجتماعية التي عرفتها عدد من المناطق
وفي إطار خرق الحق في التنقل تتبعت الجمعية مسألة الشروط القاسية والمهينة لتسليم تأشيرة السفر للخارج (الفيزا) للمواطنات والمواطنين المغاربة بالإضافة إلى استمرار حرمان بعض المواطنين والمواطنات من جواز السفر، مما يعتبر مسا حقيقيا بحرية التنقل وقد حرم مسؤولان من الجمعية في حضور حفل الإنسانية بباريس نتيجة هذا الخرق كما لازالت مواطنة مغربية محرومة من التنقل لفرنسا قصد العلاج بسبب رفض تمكينها من تأشيرة السفر
بالنسبة للحق في التنظيم، لازالت السلطات تحرم عددا من التنظيمات من حقها في التنظيم عبر الامتناع عن تسليمها وصول الإيداع القانونية.ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، مجموعة العمل حول التنمية والهجرة وجماعة العدل والإحسان، حزب الأمة، العديد من المكاتب النقابية. ولازالت المسطرة لوضع الملفات القانونية للجمعيات والنقابات والأحزاب تتميز بالعبث البيروقراطي وبالتماطل في تسليم وصول الإيداع، كما تساهم بعض مضامين قانون الجمعيات إضافة إلى التأويل السلبي لها في التضييق على الحق في التنظيم. كما عرفت هذه السنة بشكل خاص الحل التعسفي لحزبي البديل الحضاري والحزب الأمازيغي
بالنسبة لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة حيث تراجعت رتبة المغرب في سلم حرية الصحافة للسنة الثانية على التوالي وبشكل متزايد، حيث تراجعت من 106 إلى 122 في 2008. فإن الجمعية قد تتبعت عددا من الانتهاكات في هذا المجال، منددة بالخصوص باستعمال القضاء لتصفية حسابات السلطات مع المنابر الصحفية المستقلة (نموذج المتابعات القضائية والأحكام الجائرة والقاسية الصادرة ضد الصحافيين والمنابر الصحافية) وفي مقدمتها جريدة المساء وتميزت هذه السنة بالشكايتين المرفوعتين من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ضد جريدتي "الحياة الجديدة" و"الجريدة الأخرى" ومنعهم قضائيا من نشر شهادات بعض المسؤولين السياسيين أمام هيئة الإنصاف والمصالحة السابقة. وقد سبق للجمعية أن نددت بمضايقة الصحافة المستقلة. وطالبت بالمراجعة الشاملة لقانون الصحافة في اتجاه إلغاء المقتضيات المعرقلة لحرية التعبير وإلغاء العقوبات السالبة للحرية وجعل حد للغرامات والتعويضات الباهظة التي قد تؤدي إلى القضاء على الصحافة، كما طالبت باستعجالية سن قانون ينظم حق الوصول للمعلومة
واهتمت الجمعية كذلك بالأوضاع السلبية للإعلام السمعي البصري العمومي والذي مازال يتميز بالاحتكار من طرف البعض والإقصاء للبعض الآخر، وهو ما دفع الجمعية مرة أخرى إلى تنظيمها لوقفة احتجاجية يوم 15 نونبر أمام البرلمان للتنديد بهذا الإقصاء كما وضعت الجمعية شكاية لدى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ضد القناة الثانية بسبب بثها لتصريح لوزير الداخلية في ندوة صحافية حول ملف بلعيرج ينتهك فيه مبدأ قرينة البراءة مما يعد توجيها للقضاء
وبارتباط مع حرية الرأي والتعبير فقد سجلت الجمعية واستنكرت تواتر الاعتقالات والمتابعات القضائية بسبب ما يسمى بإهانة المقدسات (من بينهم أعضاء في الجمعية) أو بموجب القانون الجديد حول "زجر إهانة العلم ورموز المملكة" وتعتبر الجمعية ذلك إحدى مظاهر التدهور الذي عرفته الحريات العامة بالمغرب هذه السنة
15. وبالنسبة للحق في التجمع والتظاهر، فقد تم خلال هذه السنة منع العديد من المسيرات وقمع العديد من الوقفات باللجوء إلى العنف أحيانا: وقفات المعطلين، وقفات تضامنية مع المعتقلين، وقفات مناهضة الغلاء،
وبشأن الحق في الإضراب لازالت السلطات وكذا المشغلون يواصلون الإجهاز على هذا الحق، في القطاع الخاص أساسا، عبر استعمال الفصل 288 من القانون الجنائي لاعتقال ومحاكمة وإدانة المضربين. وقد عرفت هذه السنة تزايدا ملحوظا في حالات المتابعات بسبب ممارسة الحق في الإضراب أو لأسباب نقابية بشكل عام في مناطق متعددة من المغرب منها على الخصوص وسط العاملات والعمال الزراعيين، عاملات النسيج بالرباط وسلا والدار البيضاء وعدد من المدن الأخرى...إلخ
فيما يخص ملف القضاء، إن تصرف عدد من الهيئات القضائية في عدد من الملفات، كملفات الفساد الاقتصادي، والمعتقلين السياسيين وملفات ما يعرف بمحاربة الإرهاب والمس بالمقدسات، ومحاكمات أعضاء جماعة العدل والإحسان، وقضايا حرية الصحافة (الوطن الآن، طيل كيل، الجريدة الأولى، الحياة الجديدة، المساء، ...)، والحق في الإضراب والتظاهر، ونزاعات الأسرة، يظهر بجلاء أن العاهات المزمنة للقضاء المغربي، المتجسدة في ضعف الاستقلالية والنزاهة والكفاءة، مازالت قائمة وأنها تشكل عرقلة أساسية أمام احترام حقوق الإنسان وتشييد دولة الحق والقانون. ينضاف إلى ذلك مشاكل عدم مساواة المواطنين أمام القضاء بسبب استعمال النفوذ وتبعية القضاء الذي تجلى بشكل خاص في ملف حسن اليعقوبي بالدار البيضاء والسرويتي بخنيفرة. وتتجلى الوضعية المتردية للقضاء أيضا في عدم تنفيذ الأحكام القضائية خاصة تلك الصادرة ضد بعض ذوي النفوذ
وبالنسبة لأوضاع السجون، تسجل الجمعية تدهورا في أوضاع السجناء بشكل عام ومن ضمنهم بشكل خاص المعتقلون في إطار قضايا ذات طابع سياسي والتي أدت إلى عدد من الإضرابات عن الطعام. وتسجل الجمعية هذه السنة دخول العديد من معتقلي الحق العام أيضا في إضرابات عن الطعام مطالبين بتحسين أوضاعهم العامة بالسجون والتي ووجه أغلبها بالتجاهل وهو سلوك يهدد الحق في الحياة للمضربين. كما عرفت هذه السنة المس بالحق في الحياة بسبب التعذيب أو الإهمال وأبرزها وفاة الشيخ المسن أحمد ناصر بسجن سطات وبوشتى البودالي بسجن فاس وعدد من السجناء في مدن أخرى
وتسجل الجمعية كذلك التراجع على مستوى التجاوب والتعامل مع الهيآت الحقوقية في مجال وضعية السجناء منذ إحالة قطاع السجون على المندوبية العامة للسجون وتكليف رجل أمن سابق بها الذي رفض كليا استقبال تلك الهيآت وأنهى عمل اللجان الإقليمية لمراقبة السجون وقد سبق للجمعية أن عبرت عن رفضها لاختيار الدولة للمقاربة الأمنية في التعاطي مع ملف أوضاع السجناء . أما عن إجراءات العفو المتخذة في عدد من المناسبات، تعتبر الجمعية أنه رغم إيجابيتها بالنسبة للمعنيين بالأمر فإنها تتسم بضعف الشفافية بشأن معايير اختيار المستفيدين وأن مفعولها يظل محدودا في مواجهة إشكالية اكتظاظ السجون مما يستوجب التفعيل المنتظم لكافة الإجراءات البديلة عن سلب الحرية خاصة في حالات المعتقلين في إطار الحراسة النظرية، وعلاقة بنفس الموضوع، تسجل الجمعية الظروف اللاإنسانية لهذه الفئة من السجناء وهم في انتظار أن تبث المحكمة في ملفاتهم

وبالنسبة لحقوق المرأة تسجل الجمعية أن بلادنا مازالت بعيدة عن إعمال مبدأ المساواة التامة وفي كل المجالات بين الرجل والمرأة وهو ما أدى بالجمعية إلى الاستمرار في المطالبة برفع التحفظات عن اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة والمصادقة على البروتوكول الملحق بها وإلى الانخراط في "الحملة من أجل ثلث المقاعد النيابية للمرأة في أفق المناصفة" - مستنكرة تجاهل وزارة الداخلية للمطالب النسائية بهذا الصدد - وفي العمل الوحدوي من أجل إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء وفي مقدمتها الحقوق الشغلية
وبالنسبة لمدونة الأسرة تسجل الجمعية مجددا ضعف تطبيق مقتضياتها الإيجابية ــ رغم أنها لا ترقى لمستوى المعايير الكونية في مجال حقوق النساء داخل الأسرة ــ نظرا لبعض مضامين هذا القانون نفسه غير القابلة للتطبيق وللعراقيل المتعددة في هذا المجال ونظرا بالخصوص لطبيعة قضاء الأسرة المتسم بالعقلية المحافظة إلى جانب العاهات الأخرى التي تطبع القضاء المغربي وهو ما أدى إلى انتهاك حقوق النساء داخل الأسرة وأبرزها العدد الكبير من حالات زواج القاصرات الذي وصل ثلاثون ألف حالة خلال سنة2007
كما تسجل الجمعية أن ظاهرة العنف ضد المرأة ما تزال تعم المجتمع المغربي واستمرار ظاهرة التحرش الجنسي التي تشكل إهانة وتبخيسا لكرامة المرأة لهذا فإن الجمعية تطالب الدولة المغربية بفتح نقاش حول مشروع قانون حماية النساء من العنف مع كل الجهات المعنية وإشراك الحركة الحقوقية والنسائية والإسراع في إصداره من جهة ومن جهة أخرى تطالب باتخاذ إجراءات تربوية وتثقيفية واسعة وعميقة للتربية على المساواة
وتعتبر الجمعية أن التدهور الذي تعرفه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يمس النساء بشكل أكثر وتتعمق أوضاع الفقر وسطهن بشكل أسرع
فيما يخص حقوق الطفل، هناك مؤشرات تبين أن الاستغلال الجنسي للأطفال يتفاقم، خاصة في إطار ما يسمى بالسياحة الجنسية. كما أن استغلالهم الاقتصادي ــ في الحقول والمعامل والصناعة التقليدية وكخادمات في البيوت- قد تفاقم هو الآخر بالرغم من الرفع قانونا لسن السماح بتشغيل الأطفال إلى 15 سنة من طرف مدونة الشغل. لذا فلازال الأطفال يعانون من العنف في مختلف الفضاءات. يضاف لكل هذا تأثير الفقر على تغذية وصحة وتعليم الأطفال والهدر المدرسي وتهميش المدرسة العمومية حيث مئات الآلاف منهم دون تمدرس. وساهمت هذه الظروف في تفاقم ما يسمى بظاهرة أطفال الشوارع وأيضا هجرة القاصرين غير النظامية
وبشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تسجل الجمعية استمرار وتعمق الانتهاكات في هذا المجال، نتيجة النظام الاقتصادي السائد، وضخامة خدمات المديونية الخارجية، وانعكاسات السياسة الليبرالية المتوحشة – خاصة بالنسبة لميزانية الدولة التي أصبحت متعارضة مع التنمية والتشغيل – والخوصصة، والانخراط الكامل في العولمة من موقع الضعف، والنهب السافر للمال العام والثروات الوطنية مع استمرار السلطات في نهج سياسة الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية كما هو الشأن بالنسبة للانتهاكات المرتبطة بالقمع السياسي. ولا بد من الإشارة في هذا المجال إلى استفحال ظاهرة الرشوة - حيث تدهورت وضعية المغرب من 78 إلى 80 هذه السنة- وإلى ضعف الشفافية بالنسبة لميزانية الدولة المغربية. وتميزت هذه السنة بشكل خاص بتزايد تفويت الدولة لأراضي الملك العام لذوي النفوذ واستيلاء هؤلاء على منابع المياه في العديد من المناطق ونهب الثروات الطبيعية من غابات ورمال أمام مرأى ومسمع المسؤولين
وبارتباط مع ملف الفساد الاقتصادي، لا بد من الإشارة إلى عدد من ملفات النهب والتبذير والاستيلاء على الملك العمومي التي تابعتها الجمعية هذه السنة وأبرزها : تفويت أراضي الحبوس بثمن رمزي وتفويت أراضي من الملك العام لشركة الضحى بثمن بخس، والاستيلاء على منابع المياه في نواحي بني ملال والاستيلاء على أراضي الجموع في العديد من المناطق، ونهب غابات الأرز بخنيفرة، النهب الذي عرفته التعاضدية العامة للموظفين، مما يبين بجلاء تورط مسؤولين بارزين في أجهزة الدولة في هذه الانتهاكات الناتج عن الإفلات من العقاب الذي يتمتع به ناهبو المال العام ببلادنا في جميع المجالات
وبشأن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي انطلقت منذ أزيد من ثلاث سنوات ونصف والتي قدمت كوصفة لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، تسجل الجمعية نتائجها الضعيفة لحد الآن خاصة بعد تدهور رتبة المغرب مرة أخرى من 123 إلى 126 في سلم التنمية البشرية الذي يعده صندوق الأمم المتحدة للتنمية، مما يوضح أن ملف التنمية البشرية بالمغرب لازال يراوح مكانه مما يبرز بأن بلادنا لازالت في حاجة إلى سياسة جديدة في مجال التنمية ترتكز على المقاربة الحقوقية وتنسجم مع المادة الأولى من العهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنص على حق الشعوب في تقرير مصيرها الاقتصادي والتحكم في ثرواتها. ومن جانب آخر فإنه قد آن الأوان لتقديم تقييم لما تطلبته هذه المبادرة من ميزانية وماهي النتائج المحصل عليها في ظل تدهور المؤشرات في هذا المجال
وبالنسبة للحق في الشغل تسجل الجمعية استمرار الانتهاك الخطير لهذا الحق، وهو ما يتجسد بالخصوص في البطالة المكشوفة أو المقنعة لملايين المواطنين والمواطنات بمن فيهم مئات الآلاف من حاملي الشهادات العليا. وتسجل الجمعية كذلك أن التعامل السلبي للسلطات مع مطلب الحق في الشغل ــ عبر ضعف الإجراءات الجادة لخلق فرص الشغل أو عبر قمع الاحتجاجات السلمية ــ هو مصدر الإضرابات الطويلة والقاسية التي خاضها بعضهم. وقد تابعت الجمعية خلال هذه السنة الاعتداءات المستمرة ضد احتجاجات الأطر العليا المعطلة وأعضاء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين الذين تم اعتقال و محاكمة بعضهم وكذا تراجع الدولة والمجالس المنتخبة عن وعودها وعن الاتفاقات المبرمة معهم
وفيما يخص حقوق العمال، إن الجمعية تستنكر مجددا الانتهاكات الخطيرة التي تطالها، ــ فرغم أن مدونة الشغل بعيدة عن أن تترجم ما التزم به المغرب في مجال الحقوق الشغلية على المستوى الدولي بما تتضمنه من سلبيات جوهرية متعلقة بمرونة التشغيل ومرونة الأجور وتهميش دور النقابة على مستوى المقاولة، فإنها عرضة للخرق بشكل كبير ومستمر. وهذا ما يتجسد بالخصوص في إغلاق المعامل والتسريحات الجماعية التعسفية وعدم احترام الحد الأدنى للأجور ومدة العمل والضمان الاجتماعي ومختلف العطل في قطاعات وازنة مثل الفلاحة والنسيج والسياحة والبناء والأشغال العمومية والصناعات الغذائية ناهيك عن القطاعات غير المنظمة. ويحصل كل هذا بدراية تامة من كافة السلطات التي لم تقم بأي إجراء لردع المسؤولين عن انتهاك قوانين الشغل. وبرزت أبشع تجليات الاستهتار بحقوق العمال هذه السنة في محرقة روزامور المفجعة التي ذهب ضحيتها أكثر من 60 عاملا وعاملة في ظل استمرار إفلات المسؤولين عن العقاب بعد 8 أشهر من وقوع الكارثة
أما بالنسبة للحريات النقابية فقد أصبحت عرضة للانتهاك أكثر من أي وقت مضى على مستوى المقاولة مما أدى إلى ترهيب عمال القطاع الخاص وابتعادهم عن العمل النقابي. ولا شك أن القانون التنظيمي للإضراب ــ إذا ما تمت المصادقة على المشروع في صيغته الحالية التي رفضتها الجمعية وجل مكونات الحركة النقابية العمالية ــ سيجهز لا محالة على الحق في الإضراب باعتباره حقا إنسانيا ودستوريا في نفس الوقت
و قد عرفت هذه السنة سلسلة من انتهاكات الحقوق النقابية من إغلاق المعامل وطرد العمال والعاملات بسبب الانتماء والنشاط النقابيين وتدخل السلطات ضدهم وتعنيفهم
أما الحقوق الاجتماعية الأخرى، والتي تشكل ركائز أساسية للحق في العيش الكريم، فلم تعرف هي الأخرى تحسنا ملموسا وقد تتبعت الجمعية بالخصوص
الحق في التعليم بارتباط مع معاناة التعليم العمومي وما يعرفه من مشاكل نتيجة الاكتظاظ وقلة الأساتذة والإمكانيات (نتج عنها بالخصوص حرمان عدة مستويات من مواد حيوية) ناهيك عن ضعف مردوديته بالنسبة للتشغيل
الحق في الصحة بارتباط مع مشاكل الصحة العمومية وضعف نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO) والعراقيل أمام تطبيقه بينما لازال نظام التأمين عن المرض للمعوزين (RAMED) لم يدخل حيز التطبيق إلا في إطار تجريبي محدود ومحصور في منطقة بني ملال
الحق في السكن تسجل الجمعية أن هناك محنة حقيقية لفئات واسعة من المواطنين في مجال السكن وتعرف بعض المدن إجراءات هدم المساكن بشكل تعسفي ودون توفير البديل لضحايا هذه الإجراءات كما أدت الفيضانات الأخيرة إلى فقدان ألاف المواطنين لمنازلهم في ظل الارتجال الذي تميز به تدخل الدولة لتخفيف هول الكارثة على الضحايا
المعوقات أمام إعمال حقوق الفئات ذات الحاجات الخاصة والحق في البيئة السليمة خاصة في ظل نهب الثروات الطبيعية الذي يهدد التوازن البيئي في البلاد ككل
اعتبارا لما سبق، وللارتفاع الذي عرفته أثمان المواد والخدمات الأساسية بالنسبة لمعيشة عموم المواطنات والمواطنين، في ظل جمود الأجور والمداخيل، فقد عرف الحق في الحياة الكريمة معاناة حقيقية خلال هذه السنة مما دفع بالمواطنين والمواطنات إلى الخروج للاحتجاج في العديد من مناطق المغرب ضد واقع الفقر والغلاء وغياب الخدمات الاجتماعية الجيدة ومن أجل الحق في الماء والحياة الكريمة عرفت أغلبها تدخلا عنيفا للسلطة عوض فتح الحوار مع المواطنين كما أدت أيضا إلى الاعتقالات والمحاكمات غير العادلة. وتجسدت المطالب الأساسية لهذه الحركة في حمل الحكومة على تجميد مسلسل الغلاء والرفع من الأجور والمعاشات والمداخيل الأخرى وتقليص الضرائب وتوفير فرص الشغل للعاطلين

وبالنسبة للحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية فإن المكتب المركزي يسجل باستنكار استمرار الارتجال في سياسة الدولة المتعلقة بإدماج اللغة الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة كما يطالب بتطبيق المغرب للتوصيات والخلاصات الصادرة عن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للأمم المتحدة بتاريخ 19 ماي 2006، وبإقرار الدستور للغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية
بالنسبة لقضايا الهجرة واللجوء، تسجل الجمعية أن مآسي المهاجرين من أصل مغربي ــ بالبلدان الغربية خاصة ــ تتفاقم نتيجة العطالة والاضطهاد العنصري والربط التعسفي بين الهجرة والتطرف الديني والإرهاب. وقد استنكرت الجمعية بصفة خاصة التراجعات الحاصلة على المستوى التشريعي في مجال الهجرة على صعيد أوربا مما زاد في تضييق الخناق على المهاجرين وضاعف التمييز ضدهم. كما أن دول الاتحاد الأوروبي لم تصادق على الاتفاقية الدولية بشأن حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم. وقد تتبعت الجمعية انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن هذا الوضع خاصة فيما يتعلق بترحيل المهاجرين المغاربة وإرجاعهم للمغرب من ضمنهم القاصرين غير المرافقين الذين يرحلون من إسبانيا في خرق سافر للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان
ومازالت الهجرة غير النظامية للمغاربة نحو الخارج تؤدي إلى مآسي حقيقية، من بينها وفاة العديد من المواطنين في قوارب الموت،، ناهيك عن الشروط اللاإنسانية للعمل والإقامة عند وصولهم لبلدان المهجر
واهتمت الجمعية بالانتقادات الكثيرة الموجهة لمجلس الجالية المغربية بالخارج والذي سبق أن اعتبرته إطارا شبيها بالمجالس المؤسسة لحد الآن والتي ترمي إلى إدماج نخب جديدة في مؤسسات مرتبطة بالدولة أكثر مما تسعى إلى المعالجة الديمقراطية للقضايا التي أسست من أجلها
وفيما يخص ملف الهجرة غير النظامية للأفارقة الوافدين من جنوب الصحراء لبلادنا بنِيَة العبور نحو أروبا، فلازالت المعالجة القمعية هي السائدة ببلادنا ضدا على معايير حقوق الإنسان. وما زالت الجمعية تطالب بالكشف عن الحقيقة في الأحداث الأليمة والدامية التي تمت على مشارف سبتة ومليلية في خريف 2005 والتي ذهب ضحيتها أكثر من 10 مهاجرين تحت رصاص الجيش الأسباني والجيش المغربي

وبالنسبة لبعض القضايا الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان، فإن الجمعية
- تدين الحصار الإجرامي ضد الفلسطينيين في غزة وسكوت المجتمع الدولي عنه ومساهمة الدولة المصرية في تعميقه واستمرار الدولة المغربية في سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني بدعوة رموزه لبعض اللقاءات الدولية بالمغرب وفتح الأسواق المحلية للبضائع الإسرائيلية
ــ تطالب بجعل حد لاحتلال فلسطين والعراق (مع تمكين هذين البلدين من تقرير المصير والاستقلال) والجولان بسوريا ومزارع شبعا اللبنانية وباحترام حق كافة الشعوب في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والثقافي
ــ تعبر عن تضامنها مع كافة الحركات الاجتماعية المناهضة للحرب وللعولمة الليبرالية المتوحشة
ــ تندد بالإرهاب الأعمى الذي يستهدف المدنيين العزل، وتندد بأساليب مناهضته التي تجهز على الحريات وحقوق الإنسان
وتحيي الجمعية بشكل خاص نضالات القوى الديمقراطية المغاربية، ومن ضمنها كافة مكونات الحركة الحقوقية، من أجل إقرار حقوق الإنسان والديمقراطية في هذه المنطقة. وتعبر الجمعية عن اعتزازها بنجاح اجتماعي مكتب التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان في يناير ويوليوز 2008 مجددة العزم على تفعيلها دعما للمدافعين عن حقوق الإنسان وخدمة لحقوق الإنسان بالمنطقة وللوحدة المغاربية على أسس ديمقراطية

وأخيرا إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار " الحرية للمعتقلين السياسيين، دستور ديمقراطي والحياة الكريمة للجميع"، تؤكد تشبثها بمواصلة النضال وبذل كل التضحيات من أجل سيادة حقوق الإنسان ببلادنا وعبر العالم، وتدعو كافة الديمقراطيات والديمقراطيين ببلادنا إلى المزيد من التعاون لتحقيق المطالب الأساسية للحركة الحقوقية معبرة في نفس الوقت عن تشبثها بشعار "وحدة العمل للدفاع عن حقوق الإنسان" وبالتالي عن استعدادها للعمل مع كافة مكونات الحركة الحقوقية وسائر القوى الديمقراطية ببلادنا من أجل بناء دولة الحق والقانون ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق
المكتب المركزي
30/11/ نونبر 2008

ليست هناك تعليقات: