ملاخظات اولية بصدد المؤتمر التاسع للجمعية المغربية لحقوق الانسان
ان ما راكمته الجمعية المغربية لحقوق الانسان لازيد من 30 سنة من النضال في سبيل الدفاع عن حقوق الانسان و نشر قيمها ، و الفضح و التنديد بالخروقات التي تطالها ، و ما صاحب كل ذلك من تضحيات جسام قدمها خيرة المناضلين ، كل ذلك استطاعت بفضله الجمعية ان تفرض ذاتها كفاعل حقوقي رائد داخل الحركة الحقوقية المغربية ، و هو ما جعل منها قوة اقتراحية و قائدة للعديد من المعارك النضالية . الا ان ما بات يعتمل داخلها و ما بتنا نشهده من صراعات لا ديموقراطية في العديد من الفروع الوطنية ذهب الى حد التعنيف الجسدي ضد المناضلين، ناهيك عن التجميدات المجانية لعضوية العديد من المنخرطين في اكثر من فرع من قبل بعض " البيروقراطيات " المتسلطة على الجسم الحقوقي و التي تفتقد لابسط الابجديات على مستوى التربية و الثقافة الحقوقيتين فما بالك بالممارسة ؟ كل هذا في ظل لامبلاة او تدخل خجول في بعض الاحيان من قبل المكتب المركزي مما يفسر على انه دعم غير مباشر لمثل هذه الممارسات المشينة . كل هذا جعل العديد من الغيورين و المناضلين الحقوقيين سواء المنخرطين منهم داخل الجمعية او اولائك الذين ناوا بانفسهم عنها نتيجة لمثل هذه الممارسات السالفة الذكر يطرحون اسئلة انطولوجية حول وجود الجمعية و عن مالها و مدى وفائها لدرب الشهداء و المعتقلين و كل الذين نذروا حياتهم من اجل غد مشرق لهذا البلد فقدموا الغالي و النفيس كي تكون هذه الجمعية منارة تضيئ درب من سياتي لا ان تتحول الى اصل تيجاري في ايدي بعض السماسرة . فاذا كنا نعيب على " الاحزاب " و الجمعيات الصفراء غياب الديمقراطية ، فهل يعقل ان تغتال داخل جمعية حقوقية ؟ و الديمقراطية تقتضي بما تقتضيه حرية الراي و التعبير و الاختلاف ، و هو ما بات مهددا داخل الجمعية ان لم يكن اصبح من الماضي رغم كل الشعارات التي تحاول ان تطمئن هذا و ذاك ، و اذا ما صادفنا مثل هذه الممارسات – حرية الراي و الاختلاف – فما ذلك الا حالة استثنائية اما السائد فانه لا يقل عن تطبيق شعار بوش " معي او ضدي " .لكل هذا يعتبر المؤتمر القادم محطة حاسمة في تاريخ الجمعية ، فاما ان تبقى الجمعية للجميع بما تضمنه من حرية الراي و التعبير داخل هياكلها و بالتالي التواجد لكل وجهات نظر محققة بذلك ما كشف عنه مشروع الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع في الصفحة 18 بشان تدبير الاختلاف " الاصرار على وحدة الجمعية و على احترام و تفعيل الديمقراطية كمبدا تنظيمي " و اذا كانت فعلا يضيف المشروع "الاختلافات طبيعية بالنظر لتعدد المكونات داخل الجمعية مما يشكل اغناء فكريا و نضاليا للجمعية و تعزيزا لحركيتها و ديناميتها و ما دامت المرجعية و الاهداف واضحة و المبادئ التنظيمية مظبوطة " و مع ما يحمله هذا القول من صدق و حس نضالي ، الا انه ليست المرة الاولى التي يقال فيها ، مما يطرح اشكالية الاجراة و مدى انزاله الى ارض الواقع حتى لا يبقى حبرا على ورق ، خاصة و اننا قلنا سالفا بان هناك من لايملك حتى ابجديات حقوق الانسان ما بالك ممارستها. فهل فاقد الشئ يعطيه؟ و اما ان تتحول الى ملحقة كما هو الشان بالنسبة لبعض الجمعيات الحزبية ، و هو ما يتعارض و الاهداف التي ضحى من اجلها المؤسسون في لحظات الحصار و القمع الاهوج.لذلك كله و حرصا على وحدة الجمعية و تشبثا بتاريخها النضالي المشرق و بالانتماء اليها لم اجد امامي سوى ان اعبر عن موقفي هذا في هذه اللحظة التاريخية من خلال بعض الملاحظات التي و ان بدت قاتمة فما ذلك الا غيرة و اعتزازا بهذا الاطار و توجسا من مستقبل غير واضح المعالم . اضف الى ذلك وضعيتي التنظيمية التي غيبتني عن طرح موقفي و مناقشة اوراق المؤتمر في الهياكل التنظيمية للجمعية و ذلك بعد ان اجتاحتني عدوى التجميد داخل فرع العرائش العزيز بعد ان اكرمت بوجبة عنف جسدي حقوقي بامتياز من قبل بعض اعضاء المكتب المحلي خاصة و انا القادم الجديد اليها فكان هذا هو حسن الاستقبال و الضيافة على الطريقة الحقوقية ال.ع.ر.ا.ئ.ش.ي.ة.؟لذلك ارى من موقعي ان اللحظة تقتضي : 1 - التركيزعلى النوع و ليس على الكم في الاستقطاب الى داخل الجمعية ، و هنا لا اريد ان افهم على انني اقصائي او ضد مبدا الجماهيرية ، بل ما اقصده بالنوع هو ان لا نستقطب للجمعية اناس لا علاقة لهم بحقوق الانسان و لا بالنضال من اجلها ، خاصة و اننا نصادف في بعض الفروع منخرطين لا يحملون من ثقافة و ممارسة حقوق الانسان سوى الاسم ، لذلك فامثال هؤلاء يعملون على تحويل منحى الجمعية عن الاتجاه المرسوم لها . و في اسوا الاحوال يتحول هؤلاء الى مجرد كتلة ناخبة " جيش احتياطي " يستعمل في المناسبات التي يقال عنها ديمقراطية " التصويت للزعيم " ، مع ان العيب ليس هو استقطاب اناس غير مشبعين بفكر و ثقافة حقوق الانسان الى الى داخل الجمعية بل العيب هو ان نبقي عليهم كذلك .2 - التركيز على التكوين الداخلي من اجل تجاوز الوضعية السالفة و هنا لابد من الاشارة الى ان الملتقيات والجامعات التي من المفروض ان تضطلع بهكذا دور تحولت في بعض الاحيان الى مجرد لقاءات للفرجة و الترفيه والسياحة خاصة الشبابية منها مما جعلها تزيغ عن الاهداف المتوخاة منها ، خاصة و ان المشاركة في هذه المناسبات اصبحت امتياز يحضى به البعض بحكم الحضوة و القرب اما السياسي او العائلي من الزعيم. ضف الى ذلك في هذه الملتقيات اشكالية الدعم السخي في بعض المناسبات من قبل الجهات المانحة و هو ما يعاود طرح سؤال الدعم خاصة الخارجي منه ،فكيف يتم تدبيره؟ و مقابل ماذا ؟ و لاي غرض ؟ هل لسواد اعين الجمعية ، ام لغاية في نفس يعقوب " الداعمين "؟3 - على مستوى التنظيم اسجل التحول على مستوى الممارسة نحو البيروقراطية ، اذ لم يعد الانخراط في الجمعية كافلا للحقوق ، بقدر ما اصبح " الجيش " هو الذي يكفل لك الحقوق و هو ما يتعارض و القواعد و الاسس الديمقراطية ، زد على ذلك عدم عقد الجموعات العامة التنظيمية في العديد من الفروع بما ينص على ذلك القانون الدخلي و عدم اشراك المناضلين المنخرطين في قضايا حقوقية .4 - مسالة التمييز الايجابي الذي تحضى به المراة داخل الجمعية- الثلثين في افق المناصفة -، فاعتقد ان هذا ليس في مصلحة الجمعية . و هنا لا اريد ان يفهم من كلامي على انني اصبحت ضد حق المراة في الانتساب الى هياكل الجمعية و ادارتها ، بل انني ارى هذا التمييز هو احتقار لقدرات المراة و دليل على سطوة عقلية الرجل السائدة داخل الجمعية و هو دليل اخر على عدم تشبع مناضلي الجمعية الذكور منهم بقيم حقوق الانسان لان التعامل مع المراة باحترام و على قدم المساواة يقتضي بالضرورة ان نترك لها فرصة ممارسة الصراع و الاختلاف الديمقراطيين داخل الجمعية مع الرجل بندية و تنافس لمصلحة الجمعية ، لا ان نمنحها مناصب دون جهد سوى لانها امراة ، مع انني لا اقصد ان النساء المناضلات المستفيدات من هذا التمييز لسن في المستوى النضالي و الكفاحي بل ان الكثيرات تجاوزن الرجال ، لكن ما اود الاشارة اليه هنا هو ان هذا التمييز سمح بتسلل العديد من النساء سواء في الاجهزة الوطنية او في الاجهزة المحلية و الجهوية اللواتي لا يملكن لا ثقافة حقوق الانسان و لا ممارستها و هو ما يجعل منهن مجرد كائنات صوتية انتخابية تابعة للون سياسي لا اقل و لا اكثر تستعمل عند الحاجة .5 - مسالة ادارة الاختلاف حتى لا اتكلم عن الخلاف بين التيارات المتواجدة داخل الجمعية تبقى في رائي مجرد تتويج لكل ما سبق ذكره ، اي بمعالجة كل الاختلالات سنجد انفسنا امام مناضلين صادقين ، غيورين مشبعين بثقافة حقوق الانسان قولا و ممارسة و هو ماسيعطي للجمعية مكانتها الطبيعية بحيث تصبح فوق كل الاعتبارات الذاتية ، لا ان تتحول الى مجرد وعاء لتصريف ما تم الفشل في تصريفه داخل الاجهزة السياسية ، و هنا حتى عندما نكون امام نقط خلافية فلا يجب ان تحسم بواسطة ديمقراطية العدد بل اساسا على ديمقراطية الاقناع و الاقتناع .اعتقد انها بعض الملاحظات التي تحضى بالراهنية مع انني لا ادعي من خلالها امتلاك الحقيقة بقدر ما هي وجهة نظر او بالاحرى ارضية للنقاش و التطارح حول قضايا ملتبسة نابعة بالاساس من التشبث بالانتماء و تحمل المسؤولية داخل هذا الاطار العتيد و المناضل ، و بالتالي لا ادعي من خلالها الالمام بكل القضايا و امتلاك ناصية المعرفة ، بل اردتها ارضية للتفاعل على ارضية الانتماء المشترك و الاهداف الواحدة خدمة للجمعية و في النهاية خدمة لهذا الشعب الرائع الذي يستحق منا اكثر .
العرائش في 06 / 05 / 2010شفيق العبودي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق