كلمة عائلة المهدي بن بركة
في تجمع 29 أكتوبر 2007 في الرباط
"إن السياسة الحقيقية الوحيدة هي سياسة الحقيقة"
(المهدي بن بركة)
أيتها السيدات، أيها السادة، أيها الأصدقاء،
لقد كان هذا المبدأ هو المرشد لنشاط المهدي بن بركة طوال حياته النضالية. لقد كان يعتبره الشرط الأساسي لتعبئة الجماهير وتجنيدها من أجل خدمة أهداف واضحة ومحددة، وفي نفس الوقت، لقد شكل التزامه بهذا المبدأ خطأ بالنسبة لأعداءه، لقد تجسد هذا الخطر في اختطافه واغتياله في 29 أكتوبر 1965 بباريس. ومنذ هذا التاريخ أصبح إحياء ذكرى غيابه مناسبة لتكريم وفي نفس الوقت للتنديد بأسلوب الاغتيال السياسي كوسيلة للحكم، حتى أصبح تاريخ 29 أكتوبر "يوم المختطف السياسي" تكريما لكل ضحايا الاختفاء القسري.
وطيلة هذه المدة التي مرت على اختطاف واغتيال المهدي بن برك، كان لنا نحن أسرته ومحامها هدف يقودنا الا وهو البحث عن الحقيقة حول مصيره وعن مكان جثته ومعرفة كل الملابسات التي أدت إلى اختفاءه والكشف عن كل المسؤوليات وراء هذه الجريمة من محرضين ومنفذين وقتلة.
ولأجل هذا الهدف، فإن هناك شكوى مرفوعة أمام القضاء الفرنسي.
كل سنة، ميعادنا اليوم لتقييم ما تم إنجازه وما تبقى للوصول إلى معرفة كل خفايا هذه الحقيقة على ضوء ما نطالب به نحن كعائلة المهدي بن بركة وأيضا كمواطنين وفاعلين.
فالأجوبة على تساؤلاتنا حول مصير المهدي بن بركة تهمنا بشكل أساسي إنسانيا نحن عائلته، ولكن تهمنا كمواطنين وكفاعلين حقوقيين ونقابيين وسياسيين لأن اختطاف واغتيال المهدي بن بركة ليس جريمة عادية تمس زوج أو أب لكنها جريمة سياسية كان ضحيتها أحد حاملي آمال شعبه نحو مجتمع جديد، أحد حاملي شعلة النضال التحرري للشعوب المضطهدة.
سيداتي وسادتي،
لماذا بعد 42 سنة، مازلنا نطالب بالأجوبة على هذه الأسئلة؟
ما هي العناصر المعقدة والمعرقلة لعمل القضاء؟
العرقلة ألأساسية التي لم تنقطع آثارها على عمل القاضي هي ما تسمى "المصلحة العليا للدولة" بل يجب أن نقول المصلحة العليا للدول التي شاركت أجهزتها هي مؤامرة اختطاف واغتيال المهدي بن بركة بما أن قضية اختطافه واغتياله لها أبعاد دولية مختلفة. فالبحث عن الحقيقة لا يمكن أن يتم بشكل فعال بدون تجاوز هذه المصلحة العليا للدول والالتزام بالتعاون القضائي والإداري بين الدول المعنية بالقضية والدولتان المعنيتان أساسا بالموضوع هما الدولة المغربية والدولة الفرنسية.
ومن الناحية العملية فإن المعاهدة القضائية المغربية الفرنسية أداة لها كل الصلاحية والفعالية إذا ما طبقت بشكل إيجابي بدون تحفظ أو تحديد، بعكس ما جرى به العمل.
فماذا حصل، حتى اضطر القاضي الفرنسي "Patrick Ramael" إلى إصدار أمر قضائي دولي بالقبض على شخصيات مغربية؟
فمنذ 04 سنوات (وبإلحاح منذ سنتين) لقد طالب القاضي من السلطات القضائية المغربية الاستماع إلى نفس هؤلاء الأشخاص بشكل من الأشكال بحكم مناصبهم آنذاك أو بحكم تواجدهم في عين مكان الجريمة، فلهم بالتأكيد عناصر ومعلومات ستفيدنا لمعرفة بعض جوانب الحقيقة.
لكن لحد الآن، بقي هذا الطلب معلقا.
قيل لنا أن القضاء المغربي لم يتمكن من الحصول على عناوين هؤلاء الأشخاص.
قيل لنا أنه يجب انتظار إنهاء أعمال أشغال هيئة الإنصاف والمصالحة أنهت هذه الهيئة أعمالها بتهميش ملف المهدي بن بركة ولم يتم الاستماع إلى الأشخاص الخمس.
قيل لنا أنه يجب انتظار إنهاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان من تحرياته في إطار متابعة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.
قبل وفاته، صرح ادريس بنزكري أن المجلس قد أنهى تحرياته وحقق خطوات مهمة في قضية المهدي بن بركة، صرح وزير العدل المغربي بنفس الشيء وأكد أن الانتداب القضائي سينفذ. لم يحصل ذلك رغم مرور 6 أشهر على هذه التصريحات، فقرار القاضي الفرنسي ما هو إلا رد فعل على هذه العراقيل المتوالية.
قيل لنا أن وقت إصدار هذا القرار غير مناسب أسبوع قبل الذكرى 42 لاختطاف واغتيال المهدي بن بركة.
قيل لنا طوال هذه ال 42 سنة التي مضت أن الوقت غير مناسب لمعرفة الحقيقة.
حتى أيام حكومة ما يسمى بالتناوب، قيل لنا أن الوقت غير مناسب.
فمتى سيكون الوقت مناسبا؟
هل سيكون الوقت مناسبا لما يختفون كل الشهود؟
هل سيكون الوقت مناسبا بعد ضياع كل الأدلة؟
هذا ما نخشاه وهذا ما نرفضه.
سيداتي وسادتي.
منذ 42 سنة كانت معركتنا من أجل الحقيقة دائما مقرونة بالعمل على الحفاظ على الذاكرة.
لقد كانت سمعة وفكر ونضال المهدي بن بركة دائما مستهدفة من طرف خصومه وأعداءه السياسيين خلال الفترة الأخيرة، أحدث هذه الحملة شكلا منهجيا ومستمرا.
يمكن تفسير هذه الظاهرة بأنها بعد استحالة القضاء على عزيمة عائلة المهدي بن بركة من مواصلة البحث على الحقيقة، أصبح الهدف هو المس بذاكرة الضحية نفسها.
فتتوالى الاتهامات بالعمالة لصالح المخابرات الأجنبية: الإسرائيلية ثم التشيكية أخيرا. لماذا لا المخبرات الأمريكية؟ أو حتى المخابرات المغربية؟ لولا لم يكن الموضوع بهذه الخطورة فإنه يثير الضحك والاستهزاء.
يجب ربط هذه الاتهامات بحملة تشويه ذاكرة كل من ناضل ضد الاستعمار والاستعمار الجديد والإمبريالية ولكل من حاول وعمل على أن لا تسود سياسة الاستعباد والقهر والتخريب والخوف التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.
هناك أيضا عملا أكثر لئما للمس بذاكرة المهدي بن بركة وهدفه هو إفراغ عملية اختطافه واغتياله من كل جوانبها السياسية والتآمرية.، وإخراجها من إطار القمع المنهجي الذي كان موجها إلى الحركة التقدمية ومناضليها.
يحاول البعض وضع قضية المهدي بن بركة في إطار صراع على السلطة بين شخصين كل واحد منهما يحاول تصفية الآخر. وهكذا يصبح الجلاد والضحية في نفس المستوى.
أيها الآصدقاء، سيداتي سادتي
إن قضية المهدي بن بركة ترمز إلى كل قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وبالذات إلى الاختفاء القسري. فعائلة المهدي تعتبر نفسها كجزء ضمن كل عائلات المفقودين مجهولي المصير، وكل عائلات ضحايا الاختطاف والتعذيب والاغتيال السياسي.
ولا يمكن طي صفحة ماضي الانتهاكات الأليمة بدون حل كل القضايا المعلقة بدون إنصاف الضحايا وعائلاتهم، وبالأساس بدون توضيح الحقيقة كلها وتحديد كل المسؤوليات، كانت فردية أو جماعية.
يجب أيضا إيجاد وسيلة لجعل حد لمبدأ الإفلات من العقاب كانتهاك آخر للحق والقانون وإهانة لضمير المجتمع.
كل هذا مساهمة في ذاكرتنا الجماعية وأحسن تكريم لهؤلاء الذين دفعوا بحياتهم ثمن التزامهم بمبادئهم نحو مستقبل أفضل، نحو بناء مجتمع الديمقراطية والقانون.
وشكرا لكم
عن عائلة المهدي بن بركة، البشير بن بركة
باريس في 29 أكتوبر 2007
في تجمع 29 أكتوبر 2007 في الرباط
"إن السياسة الحقيقية الوحيدة هي سياسة الحقيقة"
(المهدي بن بركة)
أيتها السيدات، أيها السادة، أيها الأصدقاء،
لقد كان هذا المبدأ هو المرشد لنشاط المهدي بن بركة طوال حياته النضالية. لقد كان يعتبره الشرط الأساسي لتعبئة الجماهير وتجنيدها من أجل خدمة أهداف واضحة ومحددة، وفي نفس الوقت، لقد شكل التزامه بهذا المبدأ خطأ بالنسبة لأعداءه، لقد تجسد هذا الخطر في اختطافه واغتياله في 29 أكتوبر 1965 بباريس. ومنذ هذا التاريخ أصبح إحياء ذكرى غيابه مناسبة لتكريم وفي نفس الوقت للتنديد بأسلوب الاغتيال السياسي كوسيلة للحكم، حتى أصبح تاريخ 29 أكتوبر "يوم المختطف السياسي" تكريما لكل ضحايا الاختفاء القسري.
وطيلة هذه المدة التي مرت على اختطاف واغتيال المهدي بن برك، كان لنا نحن أسرته ومحامها هدف يقودنا الا وهو البحث عن الحقيقة حول مصيره وعن مكان جثته ومعرفة كل الملابسات التي أدت إلى اختفاءه والكشف عن كل المسؤوليات وراء هذه الجريمة من محرضين ومنفذين وقتلة.
ولأجل هذا الهدف، فإن هناك شكوى مرفوعة أمام القضاء الفرنسي.
كل سنة، ميعادنا اليوم لتقييم ما تم إنجازه وما تبقى للوصول إلى معرفة كل خفايا هذه الحقيقة على ضوء ما نطالب به نحن كعائلة المهدي بن بركة وأيضا كمواطنين وفاعلين.
فالأجوبة على تساؤلاتنا حول مصير المهدي بن بركة تهمنا بشكل أساسي إنسانيا نحن عائلته، ولكن تهمنا كمواطنين وكفاعلين حقوقيين ونقابيين وسياسيين لأن اختطاف واغتيال المهدي بن بركة ليس جريمة عادية تمس زوج أو أب لكنها جريمة سياسية كان ضحيتها أحد حاملي آمال شعبه نحو مجتمع جديد، أحد حاملي شعلة النضال التحرري للشعوب المضطهدة.
سيداتي وسادتي،
لماذا بعد 42 سنة، مازلنا نطالب بالأجوبة على هذه الأسئلة؟
ما هي العناصر المعقدة والمعرقلة لعمل القضاء؟
العرقلة ألأساسية التي لم تنقطع آثارها على عمل القاضي هي ما تسمى "المصلحة العليا للدولة" بل يجب أن نقول المصلحة العليا للدول التي شاركت أجهزتها هي مؤامرة اختطاف واغتيال المهدي بن بركة بما أن قضية اختطافه واغتياله لها أبعاد دولية مختلفة. فالبحث عن الحقيقة لا يمكن أن يتم بشكل فعال بدون تجاوز هذه المصلحة العليا للدول والالتزام بالتعاون القضائي والإداري بين الدول المعنية بالقضية والدولتان المعنيتان أساسا بالموضوع هما الدولة المغربية والدولة الفرنسية.
ومن الناحية العملية فإن المعاهدة القضائية المغربية الفرنسية أداة لها كل الصلاحية والفعالية إذا ما طبقت بشكل إيجابي بدون تحفظ أو تحديد، بعكس ما جرى به العمل.
فماذا حصل، حتى اضطر القاضي الفرنسي "Patrick Ramael" إلى إصدار أمر قضائي دولي بالقبض على شخصيات مغربية؟
فمنذ 04 سنوات (وبإلحاح منذ سنتين) لقد طالب القاضي من السلطات القضائية المغربية الاستماع إلى نفس هؤلاء الأشخاص بشكل من الأشكال بحكم مناصبهم آنذاك أو بحكم تواجدهم في عين مكان الجريمة، فلهم بالتأكيد عناصر ومعلومات ستفيدنا لمعرفة بعض جوانب الحقيقة.
لكن لحد الآن، بقي هذا الطلب معلقا.
قيل لنا أن القضاء المغربي لم يتمكن من الحصول على عناوين هؤلاء الأشخاص.
قيل لنا أنه يجب انتظار إنهاء أعمال أشغال هيئة الإنصاف والمصالحة أنهت هذه الهيئة أعمالها بتهميش ملف المهدي بن بركة ولم يتم الاستماع إلى الأشخاص الخمس.
قيل لنا أنه يجب انتظار إنهاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان من تحرياته في إطار متابعة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.
قبل وفاته، صرح ادريس بنزكري أن المجلس قد أنهى تحرياته وحقق خطوات مهمة في قضية المهدي بن بركة، صرح وزير العدل المغربي بنفس الشيء وأكد أن الانتداب القضائي سينفذ. لم يحصل ذلك رغم مرور 6 أشهر على هذه التصريحات، فقرار القاضي الفرنسي ما هو إلا رد فعل على هذه العراقيل المتوالية.
قيل لنا أن وقت إصدار هذا القرار غير مناسب أسبوع قبل الذكرى 42 لاختطاف واغتيال المهدي بن بركة.
قيل لنا طوال هذه ال 42 سنة التي مضت أن الوقت غير مناسب لمعرفة الحقيقة.
حتى أيام حكومة ما يسمى بالتناوب، قيل لنا أن الوقت غير مناسب.
فمتى سيكون الوقت مناسبا؟
هل سيكون الوقت مناسبا لما يختفون كل الشهود؟
هل سيكون الوقت مناسبا بعد ضياع كل الأدلة؟
هذا ما نخشاه وهذا ما نرفضه.
سيداتي وسادتي.
منذ 42 سنة كانت معركتنا من أجل الحقيقة دائما مقرونة بالعمل على الحفاظ على الذاكرة.
لقد كانت سمعة وفكر ونضال المهدي بن بركة دائما مستهدفة من طرف خصومه وأعداءه السياسيين خلال الفترة الأخيرة، أحدث هذه الحملة شكلا منهجيا ومستمرا.
يمكن تفسير هذه الظاهرة بأنها بعد استحالة القضاء على عزيمة عائلة المهدي بن بركة من مواصلة البحث على الحقيقة، أصبح الهدف هو المس بذاكرة الضحية نفسها.
فتتوالى الاتهامات بالعمالة لصالح المخابرات الأجنبية: الإسرائيلية ثم التشيكية أخيرا. لماذا لا المخبرات الأمريكية؟ أو حتى المخابرات المغربية؟ لولا لم يكن الموضوع بهذه الخطورة فإنه يثير الضحك والاستهزاء.
يجب ربط هذه الاتهامات بحملة تشويه ذاكرة كل من ناضل ضد الاستعمار والاستعمار الجديد والإمبريالية ولكل من حاول وعمل على أن لا تسود سياسة الاستعباد والقهر والتخريب والخوف التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.
هناك أيضا عملا أكثر لئما للمس بذاكرة المهدي بن بركة وهدفه هو إفراغ عملية اختطافه واغتياله من كل جوانبها السياسية والتآمرية.، وإخراجها من إطار القمع المنهجي الذي كان موجها إلى الحركة التقدمية ومناضليها.
يحاول البعض وضع قضية المهدي بن بركة في إطار صراع على السلطة بين شخصين كل واحد منهما يحاول تصفية الآخر. وهكذا يصبح الجلاد والضحية في نفس المستوى.
أيها الآصدقاء، سيداتي سادتي
إن قضية المهدي بن بركة ترمز إلى كل قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وبالذات إلى الاختفاء القسري. فعائلة المهدي تعتبر نفسها كجزء ضمن كل عائلات المفقودين مجهولي المصير، وكل عائلات ضحايا الاختطاف والتعذيب والاغتيال السياسي.
ولا يمكن طي صفحة ماضي الانتهاكات الأليمة بدون حل كل القضايا المعلقة بدون إنصاف الضحايا وعائلاتهم، وبالأساس بدون توضيح الحقيقة كلها وتحديد كل المسؤوليات، كانت فردية أو جماعية.
يجب أيضا إيجاد وسيلة لجعل حد لمبدأ الإفلات من العقاب كانتهاك آخر للحق والقانون وإهانة لضمير المجتمع.
كل هذا مساهمة في ذاكرتنا الجماعية وأحسن تكريم لهؤلاء الذين دفعوا بحياتهم ثمن التزامهم بمبادئهم نحو مستقبل أفضل، نحو بناء مجتمع الديمقراطية والقانون.
وشكرا لكم
عن عائلة المهدي بن بركة، البشير بن بركة
باريس في 29 أكتوبر 2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق