الاثنين، 24 ديسمبر 2007

مــــــــــن أجــــــل
نقاشـــــات مثمــــــــرة


عرفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خلال الأسبوعين الأخيرين، وتحديدا منذ 10 دجنبر، سلسة من المقالات والتعليقات كان منطلقها الهجوم الجارح علي شخصيا كمسؤول في الجمعية، وكذا على التوجه العام للجمعية وعلى أجهزتها
وليس الهدف من هذا المقال هو الرد على هذا الهجوم أو تثبيت حقيقة ما جرى يوم 09 دجنبر بالمقر المركزي للجمعية، فذلك شأن الأجهزة المسؤولة للجمعية، التي تتوفر على كافة الامكانيات لمعرفة الحقيقة، خاصة وأن كل ما جرى ثم بحضور شاهد وشاهدة. وأنا شخصيا، مع اعتقادي بأن "المناضل مصاب"، وأن عليه أن يتحمل ضريبة نضاليته، بما في ذلك "ظلم ذوي القربى"، مطمئن لنتائج التحريات، إيمانا مني بأن حبل الكذب قصير وأن الحقيقة ستنجلي للجميع. لكن الهدف من هذه المساهمة هو الدفع بالنقاشات في مجرى مفيد ومثمر تستفيد منه الجمعية وكافة مناضلاتها ومناضليها

إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خرجت من المؤتمر الأخير أقوى من أي وقت مضى، وهذا ما تجسد بالخصوص في
ــ الوثائق المهمة المصادق عليها بشبه إجماع من طرف المؤتمر
ــ المشاركة القوية بمجرد انتهاء المؤتمر لأعضاء الجمعية في تظاهرات فاتح ماي لدعم الحقوق الشغلية
ــ مواجهة الجمعية الحازمة والشجاعة للاعتقالات الناتجة عن المشاركة في تظاهرات فاتح ماي
ــ المقاومة التي أظهرتها قيادة الجمعية ومناضلاتها ومناضليها يوم 15 يونيه أمام الهجمة الشرسة لرجالات حميدو العنيكري
ــ المواجهة الحازمة لأحداث 23 شتنبر بمدينة صفرو ولتداعياتها
ــ المواجهة الفاعلة، إلى جانب القوى الديمقراطية المناضلة، للهجوم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (أنشطة 17 أكتوبر، كنموذج
ــ الأنشطة الإشعاعية والنضالية المنظمة بمناسبات متعددة وخاصة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
ــ المصادقة على النظام الداخلي الجديد وبرنامج العمل للسنوات الثلاثة القادمة وعلى أرضية التنظيم والتكوين في خدمة جماهيرية النضال الحقوقي
ــ البث في النقطة الخلافية بشأن اللغة الأمازيغية عبر المناقشة ثم الحسم لصالح المطالبة بإقرار الدستور لترسيم اللغة الأمازيغية
ــ معالجة الوضعية التنظيمية للفروع المحلية والجهوية وفقا للضوابط القانونية للجمعية مما يجعل من وضعية الجمعية التنظيمية وضعية مريحة مقارنة مع الماضي ومع ما هو موجود في الساحة الوطنية
ــ الإجتماع المنتظم والمثمر للأجهزة القيادية مع تطور ملموس لإعلام الجمعية
ــ تطور علاقاتنا الخارجية بشكل كبير وتوظيفها لخدمة حقوق الإنسان ببلادنا حماية ونهوضا

إن هذا التقدم المهم للجمعية وكذا الآفاق المطروحة لتطورها (80 فرعا وحوالي 15.000 عضو في أفق 2010 منهم 25% من الشباب والنساء)، لا بد أن تواكبه نقاشات مثمرة وبناءة بعيدا عن النقاشات العقيمة التي لا تستفيد منها لا الجمعية ولا الذين زجوا بأنفسهم فيها
لقد تمكنا مؤخرا من فتح نقاش هادئ وديمقراطي حول المسألة الأمازيغية وخرجنا فيها بخلاصات وأعتقد أنه يجب الآن أن نركز نقاشاتنا المثمرة على النقط التالية
تفعيل أرضية التنظيم والتكوين في خدمة جماهيرية النضال الحقوقي: ما هي المعوقات أمام إعمالها؟ وما هي السبل لتجاوزها بالنسبة لكل فرع على حدى؟
كيف نصل إلى الأهداف التي سطرتها الجمعية في مجال التشبيك والعمل الوحدوي: الشبكة من اجل التضامن الإجتماعي كأداة للدفاع الجماعي عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الشبكة لمناهضة الإمبريالية، الشبكة للدفاع عن الحقوق السياسية والمدنية والشبكة للدفاع عن حقوق المرأة
مطلب الدولة الديمقراطية العلمانية: أعتقد أننا تأخرنا وبدون مبرر في حسم هذا الموضوع. لذا سيكون من المفيد، كما سبق اقتراح ذلك، تنظيم ندوة لمناقشة الموضوع وحسمه. إن مطلب الدولة الديمقراطية العلمانية مطلب حقوقي بامتياز ينسجم مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي حول الحقوق السياسية والمدنية ومع مواقف الجمعية بشأن العلاقة بين السياسة والدين. وإن تبني الجمعية الصريح لهذا المطلب سيساعد مجمل الحركة الديمقراطية المغربية على وضوح الرؤيا في مجال العلاقة بين السياسة والدين
إن تطوير الديمقراطية الداخلية مسألة حيوية بالنسبة لمستقبل الجمعية. لقد أعلن المؤتمر الوطني الثامن المنعقد في أبريل 2007، بتبنيه ولأول مرة لمنهجية انتخاب اللجنة الإدارية عبر الاقتراع السري، عن القطيعة مع منهجية اقتسام المسؤوليات على قاعدة الريع السياسي التي كانت تجد في آلية لجنة الترشيحات أداة لتصريفها
إلا أن المطروح حاليا هو تفادي تحويل الاقتراع السري إلى أداة للديمقراطية الميكانيكية التي قد تؤدي إلى الهيمنة بل أحيانا إلى الاقصاء عندما يصبح الهاجس هو رد الفعل والانتقام، وليس مصلحة الجمعية؛ وأمثلة الانتخابات الأخيرة لتجديد بعض مكاتب الفروع خير دليل على ذلك
إن تفكيرنا الجماعي يجب أن ينصب على إيجاد الآليات الانتخابية الديمقراطية التي تجعل تشكيلة مكاتب الفروع تعكس الوزن الحقيقي لكل تيار، وتمكن من تمثيله بأفضل مناضلاته ومناضليه الحقوقيين وتمكن كذلك من أخذ الفعاليات الحقوقية المستقلة لمكانتها الوازنة في الأجهزة
إن تطوير الديمقراطية الداخلية للجمعية يتطلب كذلك إيجاد الآليات لتدبير الخلافات بشكل ديمقراطي، على أساس أسلوب النقاش العلمي الهادف إلى الإقناع والاقتناع، وأسلوب النقد والنقد الذاتي، والحسم الديمقراطي بعد استنفاذ النقاش، وتطبيق القرارات المتخذة بشكل ديمقراطي، واحترام حقوق الأقلية
إن التدبير الديمقراطي للخلاف يستوجب الابتعاد عن الأساليب العدائية في الصراع مثل التجريح والقذف وعرقلة الاجتماعات والانسحاب منها أو الانسحاب من الأجهزة
إن ورش الديمقراطية الداخلية وآليات تجسيدها وتفعيلها يعد من أهم الأوراش التي يجب فتحها باستمرار لما فيه مصلحة رص الصفوف داخل الجمعية وتقوية جاذبيتها بالنسبة لمحيطها
الامتداد التنظيمي للجمعية بالخارج. إن هجوم السلطة الأخير على الجمعية أبرز بقوة ضرورة تقوية الجمعية لفروعها بالداخل لتكون مستعدة لأية هجمة قمعية غير مألوفة وضرورة تفعيل شعار بناء الامتدادات التنظيمية للجمعية بالخارج. ومن هنا ضرورة فتح نقاش مع حسمه في أقرب الآجال حول هذه الامتدادات التنظيمية بالخارج
إن الأسئلة المطروح الجواب عنها في هذا المجال هي
ــ ما هو مضمون هذه الامتدادات التنظيمية؟ هل يتعلق الأمر ببناء فروع للجمعية بالخارج وفقا للمسطرة المحددة في القانون الأساسي والنظام الداخلي بالنسبة لفروع الداخل؟ أو يتعلق الأمر بتشكيل لجان دعم الجمعية مكونة من أعضاء للجمعية بالخارج كشكل تنظيمي أولي لامتدادات الجمعية بالخارج؟
ــ ما هي البلدان أو المناطق التي يطرح فيها بناء هذه الامتدادات التنظيمية؟ أعتقد شخصيا أنه من الإيجابي إعطاء الأولوية لبلجيكا، لإسبانيا ( امتداد على مستوى المناطق الأساسية التالية: برشلونة، الأندلس، مدريد)، لهولاندا، لفرنسا ثم كندا
المسألة الدستورية: لم يعد لنا داخل الجمعية خلافا بشأن مضمون موقف الجمعية من المسألة الدستورية خصوصا بعد الموقف الواضح الذي تضمنه البيان العام الصادر عن المؤتمر
إن المشكل المطروح والذي يجب فتح نقاش بشأنه هو كيف يمكن للجمعية أن تتحرك لتجعل من مطلب الدستور الديمقراطي مطلبا قويا وآنيا لمجموع القوى الديمقراطية؟
لم أطرح ضمن النقط الخلافية المستوجبة للنقاش البناء النقطتين المتعلقتين بالصحراء وباعتذار الدولة بشأن الانتهاكات الجسيمة
ــ فبالنسبة للنقطة الأولى، أعتقد شخصيا أنها ليست من النقط ذات الأولوية نظرا لأن الموقف التواقفي والحقوقي الذي تبناه المؤتمر من خلال البيان العام كافي في إطار الشروط الحالية لمواجهة الإشكالات المطروحة
ــ أما بالنسبة للنقطة الثانية ــ اعتذار الدولة ــ فقد سبق لي أن أبديت موقفي في العدد الأول من الجدل، معتبرا أن اعتذار الدولة يجب أن يتجسد في اعتذار الملك باعتباره الممثل الدستوري للدولة. ومهما يكن من أمر، فالظاهر الآن هو أن الدولة قد قررت التملص من تطبيق مجمل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بما في ذلك اعتذار الدولة بالصيغة الدنيا المتمثلة في اعتذار الوزير الأول


عبد الحميد أمين
23/12/2007

ليست هناك تعليقات: